قبو "يوم القيامة" لحفظ الحياة البشرية من الانقراض
قبو سفالبارد (Svalbard):
هو قَبْو محصَّن ومنيع يقع في الجزيرة النرويجية "سبيتسبيرجين" في منطقة
أرخبيل سفالبارد، على بُعد يزيد قليلا عن 1300 كلم جنوب القطب الشمالي، في كهف تحت
الأرض، وفي درجة حرارة منخفضة؛ وذلك لحماية الآلاف من بذور المحاصيل الحيوية من
الانقراض.
هنا يوجد بنك البذور العالمي على مسافة
120 متراً داخل جبل من الحجر الرملي، وهذا الموقع الذي يوجد فيه هذا القبو يعتبر
موقعاً مثالياً لهذا التخزين؛ حيث يرتفع 130 متراً فوق سطح البحر، وهذا ما يجعله جافاً
وآمناً عند ذوبان الثلوج.
سبب بناء هذا القبو:
وقد كان سبب بناء هذا القبو هو مواجهة
احتمال نشوب حروب نووية شاملة، أو حدوث كوارث فضائية، أو مناخية، فإن احتمال حدوث
مثل ذلك قد يؤدي إلى اختفاء كثير من المحاصيل إلى الأبد، لذا كان الحل الوحيد
لتفادي تلك الكوارث هو بناء قبو لحماية تلك البذور.
ويعتبر هذا القبو صمام أمان دولي ضد
الكوارث النباتية، حيث يعمل على تأمين الإنتاج الغذائي لأي مكان على هذا الكوكب
بعد وقوع أي كارثة إقليمية أو عالمية.
قال موقع (فيجوال كابيتالست): إن هدف
المخزن الرئيسي هو توفير "نسخ احتياطية" للبذور الحيوية؛ للجوء إليها في
أوقات الكوارث والأزمات؛ وخاصة الحروب.
وهذا القبو وإن كان معدَّا لحماية البذور
في حال الكوارث العالمية الكبرى، إلا أنه قد يُستغَلُّ في كثير من الأحيان في
تزويد "بنوك البذور" – وهي 1400 بنك،
متفرقة حول العالم – في حال فقدان بعض العينات بسبب الحروب
أو الكوارث.
ففي عام 2015م كانت سوريا - بسبب الحرب -
أولَ بلد يسحب بذوراً من المخزن؛ لاستبدال البذور التي أُتلفت في بنك الجينات
الزراعية الذي دُمِّر في الحرب قُرب حَلَب.
سعة هذا القبو:
ويعتبر هذا القبو قلعة كبيرة ضخمة، حيث يستوعب
أكثر من 4.5 مليون عيِّنة من البذور، وتتألف
كل عينة بذور من 500 بذرة مغلفة في كيس ألمنيوم محكم الإغلاق.
ويعطي القائمون على المشروع أولوية خاصة للمحاصيل
المهمة في إنتاج الغذاء والزراعة، حيث يهتم هذا المشروع بتخزين أكبر عدد ممكن من
المواد الجينية الفريدة.
تأسيس هذا المشروع:
وقد تأسس هذا المشروع من قبل بعض الجهات
الدولية، وتم تمويل أعمال البناء التي قُدِّرت بـ (9 ملايين دولار) بالكامل من قبل
حكومة النرويج.
إن عملية تخزين البذور في القبو هي أمر
مجاني، وتهتم كل من حكومة النرويج، والصندوق العالمي للتنوع المحصولي بدفع تكاليف
التشغيل.
وتساهم
أيضا بعضُ المنضمات الخيرية العالمية مثل: مؤسسة بيل غيتس، وكثيرٌ من الحكومات حول
العالَم في تمويل هذا المشروع.
افتتاح هذا المشروع:
تم افتتاح هذا القبو في عام 2008، وكان يضم
خلال السنة الأولى حوالي 400 ألف عينة من البذور، جاءت من عدة دول كإيرلندا
والولايات المتحدة وكندا وسويسرا وكولومبيا وغيرها، وارتفع عدد العينات في 2013
إلى 900 ألف عينة.
تخزين البذور في هذا القبو:
تحفظ البذور في هذا القبو على رفوف معدنية
داخل القبو، حيث توضع في مغلفات تطوى من أربع جهات، ثم توضع داخل حاويات أكياس
بلاستيكية، لتبقى في درجة حرارة دون 18 تحت الصفر، فالحرارة المتدنية ومحدودة
الأوكسجين تحافظ على نضارة البذور وجدواها.
يتم تخزين البذور داخل أكياس ألمنيوم
بثلاث طبقات، وتوضع عليها رموز لتدل على بنك الجينات، والحبوب القادمة منه، ثم
توضع في علب خاصة داخل أكياس بلاستيكية تمنع الرطوبة، لتبقى في درجة حرارة دون 18
تحت الصفر، فالحرارة المتدنية، ومحدودة الأوكسجين تحافظ على نضارة البذور وجدواها،
ثم توضع على رفوف معدنية داخل القبو.
وتوفَّر الطاقة لوحدات التبريد التي تقوم
بتخزين البذور على درجة 18 مئوية (0 درجة فهرنهايت)؛ من خلا الفحم المستخرج محلياً،
وفي حال تعطل المعدات فإن درجات الحرارة تبقى منخفضة لعدة أسابيع؛ بسبب الحجر
الرملي المحيط بالقبو.
تأمين هذا القبو:
ولضمان أمن القبو؛ تم تركيب أجهزة استشعار
وكاميرات لمراقبة المدخل، وتوجد خمسة أبواب بأقفال مشفرة تبعد كل المخاطر عن هذا
القبو.
تقول بنتي نافيردال - مسؤولة في قبو
البذور العالمي -: "يصلنا إنذار إذا كان هناك شخص ما يحاول القيام بعملية كسر،
أو شيء من هذا القبيل، لكن هذا لم يحدث أبداً، لا أستطيع تخيل شخص يحاول اقتحام
القبو، ليس لدينا هذا النوع من الجرائم هنا".
البعد الفني والجمالي لهذا لقبو:
يتميز القبو العالمي للبذور الملقب بقبو "يوم
القيامة" بمواصفات جمالية، وكفاءة عالية؛ تجعل منه معلماً بارزاً، فقد صُمِّم
ليكون عملاً فنياً متميزاً.
فقد طلبت الحكومةُ النرويجية توفر
مواصفات جمالية في هذا العمل، وقامت بذلك العمل وكالة "كورو" المتخصصة
في تنفيذ الأعمال الفنية.
